Consult Me

النزاعات القانونية الأخرى

 

دبي، كونها مركزًا عالميًا رئيسيًا للأعمال والمال، تشهد مجموعة واسعة من النزاعات القانونية تتجاوز مجرد العقارات. غالبًا ما تندرج هذه النزاعات تحت القانون التجاري والقانون المدني، وتشمل مجالات مثل الخلافات التعاقدية، وتحصيل الديون، والنزاعات التجارية الأوسع نطاقًا.

فيما يلي شرح لهذه “النزاعات القانونية الأخرى” في دبي:

أولاً: النزاعات التجارية

تشير النزاعات التجارية إلى الخلافات أو الصراعات القانونية التي تنشأ بين الشركات أو الكيانات التجارية. إنها جزء طبيعي من ممارسة الأعمال التجارية، خاصة في بيئة سريعة الوتيرة مثل دبي.

أنواع النزاعات التجارية الشائعة:

  • الإخلال بالعقود التجارية: يُعد هذا النوع الأكثر شيوعًا على الأرجح. يحدث عندما يفشل أحد الأطراف في الوفاء بالتزاماته المنصوص عليها في اتفاق تجاري (مثل الفشل في تسليم البضائع، أو تقديم الخدمات، أو تسديد المدفوعات في الوقت المحدد).
  • نزاعات المساهمين: الصراعات بين مساهمي الشركة، غالبًا ما تتعلق بقرارات الإدارة، أو توزيع الأرباح، أو تقييم الشركة، أو الإخلال باتفاقيات المساهمين.
  • نزاعات الشراكة: الخلافات بين الشركاء في عمل تجاري، على غرار نزاعات المساهمين ولكن ضمن هيكل الشراكة.
  • نزاعات الملكية الفكرية: الصراعات حول انتهاك العلامات التجارية، أو حقوق الطبع والنشر، أو براءات الاختراع، أو الأسرار التجارية.
  • المنافسة غير العادلة: الإجراءات التي يقوم بها المنافسون والتي تعتبر مناهضة للمنافسة أو ضارة بالممارسات السوقية العادلة.
  • نزاعات الوكالة والتوزيع: القضايا الناشئة عن الاتفاقيات بين المصنعين/الموردين ووكلائهم أو موزّعيهم في دولة الإمارات العربية المتحدة.
  • نزاعات الاندماج والاستحواذ (M&A): النزاعات التي قد تنشأ بعد الاستحواذ، والمتعلقة بالضمانات أو التعويضات أو الالتزامات غير المعلن عنها.
  • الاحتيال التجاري: الحالات التي تنطوي على الخداع أو التضليل أو الأنشطة الاحتيالية في سياق تجاري.

الإطار القانوني للنزاعات التجارية:

  • قانون المعاملات التجارية لدولة الإمارات العربية المتحدة (القانون الاتحادي رقم 18 لسنة 1993 وتعديلاته اللاحقة): هذا هو القانون الأساسي الذي يحكم الأنشطة والمعاملات التجارية.
  • القانون المدني لدولة الإمارات العربية المتحدة (القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 1985 وتعديلاته): ينطبق هذا القانون الشامل على العقود والالتزامات المدنية بشكل عام، ما لم ينص قانون تجاري محدد على خلاف ذلك.
  • قانون الشركات (مرسوم بقانون اتحادي رقم 32 لسنة 2021): يحكم تأسيس الشركات وتشغيلها وحلها، وهو ذو صلة بنزاعات المساهمين.

آليات حل النزاعات التجارية:

  • المفاوضات: دائمًا ما تكون الخطوة الأولى والأكثر فعالية من حيث التكلفة. يحاول الأطراف حل المشكلة مباشرة.
  • الوساطة: يسهّل طرف ثالث محايد التواصل لمساعدة الأطراف على التوصل إلى تسوية مقبولة للطرفين. تقدم غرف دبي (غرفة تجارة وصناعة دبي) خدمة وساطة للنزاعات التجارية، والتي غالبًا ما تكون طريقًا سريعًا ووديًا.
  • التحكيم: هذه طريقة شائعة جدًا ومفضلة بشكل متزايد لحل النزاعات التجارية في دولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة للأطراف الدولية.
    • الفوائد: السرية، المرونة، إمكانية الحل الأسرع، وقابلية إنفاذ الأحكام بموجب الاتفاقيات الدولية (مثل اتفاقية نيويورك).
    • مراكز التحكيم الشائعة:
      • مركز دبي للتحكيم الدولي (DIAC): مؤسسة رائدة في التحكيم التجاري.
      • مركز تحكيم مركز دبي المالي العالمي (DIFC-LCIA): يعمل وفقًا لمبادئ القانون العام وهو شائع للعقود الدولية.
  • التقاضي: إذا فشلت الطرق الأخرى، يمكن رفع النزاعات أمام المحاكم المدنية لدولة الإمارات العربية المتحدة (محكمة البداية، محكمة الاستئناف، محكمة النقض).
    • الاختصاص القضائي: اعتمادًا على الأطراف والعقد، قد يتم الاستماع إلى النزاعات في محاكم دبي المحلية (التي تطبق القوانين الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة والقوانين المحلية لدبي) أو محاكم مركز دبي المالي العالمي (DIFC Courts) (التي تطبق مبادئ القانون العام، مع إجراءات باللغة الإنجليزية).
    • الحدود الزمنية: تتمتع المطالبات التجارية بآجال تقادم محددة لرفع الدعاوى القضائية (على سبيل المثال، عادة 15 عامًا بموجب القانون المدني للمطالبات التعاقدية العامة، ولكن المسائل التجارية المحددة قد تكون لها فترات أقصر).

ثانياً: تحصيل الديون

يتضمن تحصيل الديون العملية القانونية لتحصيل الديون المستحقة على الأفراد أو الشركات.

سيناريوهات تحصيل الديون الشائعة:

  • الفواتير غير المدفوعة للبضائع/الخدمات: فشل عمل تجاري في سداد مدفوعات لآخر مقابل سلع أو خدمات مقدمة.
  • القروض غير المدفوعة: التخلف عن سداد قروض شخصية أو تجارية.
  • الشيكات المرتجعة: كانت هذه مشكلة كبيرة تاريخياً ذات تداعيات جنائية، على الرغم من أن التغييرات الأخيرة (مرسوم بقانون اتحادي رقم 14 لسنة 2020) ألغت تجريم الشيكات المرتجعة إلى حد كبير ما لم يكن هناك قصد جنائي واضح، مما يجعلها مسألة إنفاذ مدنية بشكل أكبر.
  • ديون بطاقات الائتمان: تخلف الأفراد عن سداد مدفوعات بطاقات الائتمان.

الإطار القانوني لتحصيل الديون:

  • قانون المعاملات المدنية لدولة الإمارات العربية المتحدة (القانون المدني): يحكم التزامات الدين العامة.
  • قانون المعاملات التجارية لدولة الإمارات العربية المتحدة: ينطبق على الديون الناشئة عن الأنشطة التجارية.
  • مرسوم بقانون اتحادي رقم 50 لسنة 2022 (المعدل لقانون المعاملات التجارية): بسّط عملية تحصيل الديون التجارية.
  • مرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 (قانون الجرائم والعقوبات): لا يزال يفرض عقوبات جنائية على التخلف العمدي أو الممارسات الخادعة المتعلقة بالديون.
  • مرسوم بقانون اتحادي رقم 19 لسنة 2019 (قانون الإفلاس): يوفر إطارًا للأفراد والشركات التي تواجه صعوبات مالية لإعادة هيكلة ديونها أو تصفيتها، بهدف تجنب الانهيار المالي المطلق.

إجراءات تحصيل الديون:

  1. التسوية الودية:
    • يجب أن تركز المحاولات الأولية على التواصل المباشر، والمفاوضات، ووضع خطط سداد.
    • إرسال خطابات مطالبة رسمية/إخطارات قانونية (غالبًا ما يصوغها محامٍ) هي خطوة أولى حاسمة.
  2. تقديم طلب أمر الأداء: بالنسبة للديون غير المتنازع عليها بمبلغ محدد، يمكن استخدام إجراء “أمر الأداء” الأسرع في المحكمة إذا تم استيفاء شروط معينة.
  3. التقاضي المدني: إذا فشلت الحلول الودية، يمكن رفع دعوى مدنية أمام المحكمة المختصة.
    • يجب على الدائن إثبات وجود الدين ومقداره.
    • بمجرد الحصول على حكم، يمكن اتخاذ تدابير التنفيذ.
  4. تدابير التنفيذ (بعد الحكم):
    • حجز الأصول: تجميد الحسابات المصرفية، وحجز المركبات، والعقارات، أو غيرها من الأصول المنقولة وغير المنقولة.
    • حجز الأجور: يمكن حجز جزء من راتب المدين.
    • حظر السفر: يمكن للمحكمة إصدار حظر سفر ضد مدين لديه دين كبير غير مدفوع لمنعه من مغادرة البلاد.
    • إجراءات الإفلاس: بالنسبة للديون الكبيرة والمعقدة أو عندما يكون المدين معسرًا، قد يبدأ الدائنون إجراءات الإفلاس بموجب قانون الإفلاس الإماراتي.

ثالثاً: الخلافات التعاقدية (بشكل عام)

بينما تتضمن النزاعات التجارية غالبًا العقود، يمكن أن تشير “الخلافات التعاقدية” أيضًا إلى العقود المدنية بين الأفراد أو الكيانات غير التجارية.

المبادئ الأساسية لقانون العقود في دولة الإمارات العربية المتحدة:

  • حرية التعاقد: يتمتع الأطراف عمومًا بحرية الاتفاق على الشروط، طالما أنها لا تتعارض مع النظام العام أو الآداب أو القوانين الملزمة.
  • حسن النية: يجب تنفيذ العقود بحسن نية (المادة 246 من القانون المدني).
  • الإيجاب والقبول: يتطلب العقد الصحيح توافقًا في الإرادتين، وموضوعًا مشروعًا، وسببًا مشروعًا.
  • الوضوح: يجب أن تكون الشروط واضحة وغير غامضة لتجنب سوء التفسير.
  • اللغة: بينما يمكن أن تكون العقود باللغة الإنجليزية، غالبًا ما تعتبر النسخة العربية ملزمة قانونًا في المحاكم المحلية إذا نشأ نزاع.
  • قوانين الاختصاص القضائي والقانون الحاكم: حاسمة للعقود الدولية. يجب على الأطراف تحديد قانون الدولة الذي يحكم العقد والمحاكم (مثل محاكم دبي، محاكم مركز دبي المالي العالمي، أو مركز التحكيم) التي لها اختصاص على النزاعات.

حل الخلافات التعاقدية:

تعكس طرق حل الخلافات التعاقدية العامة تلك المستخدمة للنزاعات التجارية: المفاوضات، الوساطة، التحكيم (إذا تم الاتفاق عليه في العقد)، والتقاضي المدني. يعتمد النهج المحدد على قيمة النزاع، ومدى تعقيده، والعلاقة بين الأطراف.

الأهمية الكلية للمشورة القانونية:

بالنسبة لجميع هذه الأنواع من النزاعات في دبي، يُنصح بشدة بطلب المشورة القانونية من مكتب محاماة متخصص. يمكن للمحامين:

    • مراجعة العقود وتقديم المشورة بشأن الحقوق والالتزامات.
    • تمثيل العملاء في المفاوضات أو الوساطة أو التحكيم أو المحكمة.
    • التأكد من اتباع جميع الإجراءات القانونية بشكل صحيح.
    • المساعدة في جمع الأدلة وإعداد الوثائق القانونية.
    • التنقل في تعقيدات النظام القانوني المزدوج لدولة الإمارات العربية المتحدة (المناطق البرية مقابل المناطق الحرة مثل مركز دبي المالي العالمي/سوق أبوظبي العالمي) وإجراءات المحاكم المختلفة.

البحث